اهم الاخباردراسات وتقارير

أزمة الصحف الورقية في ليبيا

مرصد السلام والتنمية للاعلام وحرية الانسان 

 

ضمن المشهد الثقافي والإعلامي غير المثالي،تأتي الصحافة في مراتب متقدمة على سُلم التحديات التي تواجه المثقفين وعامة الناس على حد سواء، كنتاج لتفاقم الوضع السياسي،وهشاشة الوضع الأمني،وتأزم الوضع الاقتصادي في ليبيا،ما انعكس سلباً على دور الإعلام بشكل عام،والصحافة الورقية بشكل خاص في ليبيا.

فيصل زقطة،(إن الصحافة الورقية في العالم بشكل عام تمر بأزمة مالية كنتيجة للشح الكبير في مصادر التمويل،والطفرة التي جاءت بها الصحافة الإلكترونية لأنها أسرع في تقديم الخبر ونقل الصورة فأصبح الإنسان يتلقى الأخبار عبر هاتفه المحمول أو جهازه الكمبيوتر الخاص في أسرع وقت عبر المواقع الإلكترونية المتاحة للجميع).

ويتفق زقطة مع التوقعات بانقراض الصحافة الورقية، فيما يقول: إن الصحافة الورقية في ليبيا بعد ثورة 17فبراير أصبحت ظاهرة تستحق الدراسة،لأنها عكست حالة نفسية واجتماعية يمر بها كل الليبيين.ويقول: “كانت الصحافة منصاعة للكثير من القيود قبل 2011، لكن عندما وجدت البراح أمامها مفتوحا بدون سقف للحرية،بدأت تعمل بشكل فاضح ومفضوح حتى بلغت درجة كبيرة من الفوضى، ما جعلها صحافة عبثية وفوضوية لا تحمل أي رسالة ولا تتضمن أي معالم،تفتقد للمهنية وتفتقد لوضوح الأهداف، بل أصبح كل من هبّ ودبّ يكتب،وأي شخص يمكنه أن يصدر ويترأس صحيفة،وأصبح المجال مفتوحا على مِصراعيه كمباراة كرة قدم بدون حكم ولا قواعد لعب،وبالتالي فقدت الصحافة مهنيتها، وأخلاقياتها وأصولها”.

وأوضح زقطة أن حال الصحفي الليبي كحال أي مواطن ليبي في ظل الظروف الراهنة،مُعرض للخطف،والتهديد وتكبيل حريته، والاغتيال،ويقول: “على العكس مما كان يعتقد الكثيرون بأننا كصحفيين سننال قدراً من حرية الصحافة،بات هناك الكثير من العصابات المسلحة،والمليشيات التي تسيطر على كميات كبيرة من الأسلحة، تعتبر نقدها  كفرا،ووضعوا أنفسهم ضمن خطوط حمراء لا مجال لنقدهم،ولا محاسبتهم،كأنهم باتوا فئة مقدسة”.

يونس علي يونس،سبق أن تعرض لعملية خطف من قِبل مجموعة مسلحة بسبب كتاباته،ويقول إنه لم يعد هناك ما يمكن وصفه بالصحافة في ليبيا،و”المؤسسة العامة للصحافة تعاني من الإفلاس وليس لديها ما تقدمه، بينما الصحفيون يعانون الأمرين،فمنهم من اختفى قسرياً،ومنهم من كُممت أفواههم،الأمر الذي جعل المشهد الإعلامي والصحفي والثقافي يحتضر”.

ويرى يونس أن الوضع في الصحافة الإلكترونية يختلف من حيث براح الحرية التي يكتب بها الصحفي، لكن تبقى هناك مشكلة، إذ أن الصحفي الذي يكتب للمواقع أو الصحف الإلكترونية يعاني من مشكلة عدم قدرته على الكتابة من نفس المكان،فتجد الصحفيين الذين يكتبون عن ليبيا يقيمون خارج ليبيا،وحتى صحفيي الداخل الذين يعملون إلكترونياً،يكتبون عن مناطق ومدن،وهم خارجها، فمثلاً الصحفي الذي يكتب عما يجري في بنغازي، مُقيم في طرابلس،ومن يكتب عما يحدث في طرابلس يعيش في بنغازي”. ويقول: “هذا في تقديري لا يعطي الحقيقة التي يفترض أن يقدمها الصحفي من عين المكان، ما يقلل بالتالي من درجة دقة المعلومة”.

ويعتقد يونس أن الخروج من أزمة الصحافة مرهونٌ بخروج ليبيا من هذا  النفق المُظلم، حيث إنه يُعزي أزمة الصحافة إلى هشاشة الوضع الأمني وانتشار المجموعات المسلحة التي يمكنها أن تخطف أي صحفي في أي وقت عقابا له على كلمته،ما أدى إلى توقف الأقلام عن التعبير عما يجري، أو انتقاده وتقديم رسالتها.

ويلفت يونس إلى مفارقة غريبة في الحالة الليبية،حيث أصبح السياسيون هم الصحفيون،وهم من ينتقد ويوجه اللوم للصحفيين،بدلا من تقبّل النقد والعمل وفق ما يوجه لهم من آراء وانتقادات من الصحفيين،الأمر الذي جعل السياسي يصادر حرية الفكر والكلمة التي يفترض أن يعمل وفقها الصحفي.

المصور الصحفي صبري المهيدوي لا يعتقد بوجود صحافة في ليبيا، لأنها ومن وجهة نظره لا تمسّ حاجة الناس المباشرة،وبات كل تركيزها على التجاذبات السياسية دون أن يستفيد المواطن من أي نشاط صحفي قد يمس حاجته اليومية ويقول: “نحتاج في ليبيا إلى تطبيق مفهوم الثورة بمعناها الشامل، وليس اختزالها في تغيير نظام سياسي فقط، بل خلق مناخ عام يتنفس الحرية لينسحب ذلك على حرية  الصحافة، وأن تخدم الصحافة قضايا المواطن دون الانتماء لتوجهات سياسية بعينها”. 

يرى “المهيدوي” أن مشكلة المصور الصحفي جزء من مشكلة عدم وجود مهنية في الصحافة بشكل عام، خصوصاً في ظل دخول من وصفهم بأنهم “من خارج الوسط الصحفي” لممارسة هذه المهنة التي توصف بأنها مهنة المتاعب وغير المرتبطة بدوام معين،بالتالي يفترض بمن يمارسها أن يعي رسالته المهنية وينخرط في هذا المجال مع معرفته المسبقة بما سيواجهه من متاعب، بينما يرى أن المتصدرين للمشهد الصحفي الآن هم من الوافدين الجدد على مهنة الصحافة، أو من غير المنتمين لها.

كما يعتقد “المهيدوي” أن الصحيفة الورقية انتهت في ليبيا بسبب عدم وعي السياسيين بدورها وإهمال دعمها،مؤكدا أن هذا ينطبق على باقي وسائل الإعلام التي لا يعرف السياسيون كيفية التعاطي معها وتوظيفها فيما يخدم قضايا المجتمع.  


#متابعات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى